أنقرة تلوح بشن عملية عسكرية شمال سوريا ولا تغيّرات ميدانية

كتب مجد حمزة

على وقع التوترات الدولية إثر الحرب الروسية الأوكرانية، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الثالث والعشرين من شهر ايار مايو، معلنًا أن بلاده “ستبدأ قريباً باتخاذ خطوات تتعلق بالجزء المتبقي من الأعمال التي بدأناها لإنشاء مناطق آمنة على عمق 30 كيلومتراً، على طول الحدود الجنوبية (مع سوريا)” .

ولفت في خطاب له، عقب اجتماع للحكومة في المجمع الرئاسي بأنقرة، إلى أن المناطق التي تعدّ مركز انطلاق للهجمات على تركيا والمناطق الآمنة، ستكون على رأس أولويات العمليات العسكرية وفق تعبيره، في إشارة إلى المناطق التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي تنظر أنقرة إليها باعتبارها تابعة لحزب “العمال الكردستاني”، والذي يعتبره الأتراك مصدر تهديد لأمنهم القومي مؤكداً أن العمليات ستبدأ بمجرد انتهاء تحضيرات الجيش والاستخبارات والأمن.

مشاهد ارشيفية لاردوغان وللدوريات الروسية التركية في سوريا

مجلس الأمن القومي التركي يعطي الضوء الأخضر للعملية
أكد مجلس الأمن القومي التركي، أن العمليات العسكرية الجارية وتلك التي ستُنفذ على الحدود الجنوبية للبلاد (مع سوريا)، ضرورة للأمن القومي وأنها لا تستهدف سيادة دول الجوار.
جاء ذلك في بيان صادر عن المجلس يوم الخميس الفائت وبعد يومين من اعلان اردوغان عن العملية وذلك عقب اجتماعه برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، واستمر لثلاث ساعات.
واشار البيان: “العمليات العسكرية الجارية وتلك التي ستُنفذ على حدودنا الجنوبية ضرورة لأمننا القومي ولا تستهدف سيادة دول الجوار”. وشدد مجلس الأمن القومي على أن “أنقرة التزمت دائما بروح وقانون التحالفات الدولية، وأنها تنتظر نفس المسؤولية والصدق من حلفائها”.

مصدر أمني رفيع ليونيوز: لا مؤشرات ميدانية حتى الآن على عملية عسكرية
أكد مصدر أمني رفيع لوكالة يونيوز للاخبار أن “لا حشود عسكرية تركية إلى الآن على الحدود مع سوريا بعد اعلان الرئيس التركي عن عملية بعمق 30 كم جنوب تركيا”.
ومع اقتراب انطلاق العملية العسكرية التركية شمال سوريا، قال المصدر إنه “لا تغيير في الخريطة العسكرية ونقاط السيطرة شمال سوريا”، مشيرًا إلى أنه لدى القوات التركية حوالي 400 قاعدة ونقطة مراقبة وانتشار من شمال حلب إلى إدلب وهذا الأمر يخالف ما تم الاتفاق عليه في أستانا بين الدول الضامنة”. مضيفًا أنه “بحسب المعلومات الحالية هناك مسار لإعادة ترتيب انتشار نقاط المراقبة التركية والحد منها وأي تطور خارج هذا المسار سيكون له اجراء ميداني”.
وأشار إلى أنه “بعد التدقيق بالقصاصات الورقية التي قيل انها تحذر المدنيين من الاقتراب من مقرات قوات سوريا الديمقراطية شمال حلب تبين انها قديمة”.
وختم المصدر مؤكدا ليونيوز أن “الجماعات المسلحة تستغل وجود القوات التركية في أعمال تحصين وتدشيم وتسليح وهذا الامر غير مقبول”.

غارات روسية تستهدف تحركات للجماعات المسلحة التي تدعمها أنقرة أقصى شمال الرقة
أفادت مصادر ميدانية امس الخميس، بقصف طائرات حربية روسية لتحركات للجماعات المسلحة التي تدعمها أنقرة في منطقة تل ابيض في ريف الرقة الشمالي، وذلك بعد تسيير رتل عسكري تركي تضمن عربات مصفحة في المنطقة الأمر الذي اعتبره مراقبون أنه اشارة من روسيا لرفضها العملية العسكرية التركية شمال سوريا.

لا انسحابات روسية من مناطق تواجدها شمال سوريا
أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن القوات الروسية باقية في سوريا لأنها موجودة هناك بطلب من حكومتها الشرعية.
وقال لافروف، نحن هناك بناء على طلب الرئيس الشرعي للجمهورية العربية السورية، الحكومة الشرعية لذلك البلد. نحن هناك في حالة امتثال كامل للمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. ونحن نؤدي المهام التي حددها مجلس الأمن في القرار 2254. وسنلتزم بهذا الخط في المستقبل أيضا”
ونفت مصادر سورية مقربة من روسيا انسحاب الجيش الروسي من بعض مواقعه في سوريا، وإن ما يتم تداوله هدفه التشويش .مؤكدةً، إنّ “القواعد الروسية من القامشلي إلى تل تمر وعين عيسى ريف حلب ادلب وكل نقاطهم موجودة ولم يُخلِ الروس أي نقطة من نقاطهم “.

قوات سوريا الديمقراطية المهدد الاكبر بالعملية تعلق على الأمر
اعتبرت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) أن التصريحات التركية عن عمل عسكري تهدف إلى “تسخين الأجواء”. وجاء في بيان لها، أن “قسد” تدرس مستوى التهديدات التركية الفعلية والمتوقعة لمناطق شمال وشرق سوريا، وأنها تتبادل المعلومات مع “القوى الدولية الضامنة”.

تحذيرات ورفض للعملية العسكرية
حذرت الولايات المتحدة تركيا من شن أي عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، مؤكدة أن من شأن مثل هكذا تصعيد أن يعرض للخطر أرواح العسكريين الأميركيين المنتشرين في المنطقة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس ، إن الولايات المتحدة “قلقة للغاية” إزاء هذا الإعلان. وأضاف “ندين أي تصعيد، ونؤيد الإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار الراهنة”. وأضاف “نتوقع من تركيا أن تلتزم البيان المشترك الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2019”.

كما ان الدولة السورية رفضت في 20 مايو أي قبل الإعلان عن عملية عسكرية انشاء منطقة عازلة شمال سوريا وعدت أن هذا الطرح لا يهدف إلى حماية المناطق الحدودية بين البلدين، بل الهدف الأساسي استعماري، وإنشاء بؤرة متفجرة تسمى “المنطقة الآمنة”.
وأكدت دمشق أن ما يقوم به النظام التركي لإنشاء ما يسمى منطقة آمنة هو عمل عدواني استعماري تسعى من خلاله حكومة رجب طيب أردوغان إلى إنشاء بؤرة متفجرة داخل سوري والاستمرار في رعاية وتسليح وتشغيل تنظيمات إرهابية مسلحة لاستخدامها ضد الشعب السوري، لافتة إلى أن أي إجراءات يمارسها هذا النظام على الأراضي السورية هي أفعال غير شرعية ولاغية ولا ترتب أي أثر قانوني أو واقعي بل وترقى إلى توصيفها بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

انقرة تحاول الاستثمار دوليا واقليميا وداخليا من خلال الإعلان عن العملية الحالية
اقليميا:
حقيقة الأمر، إن مشروع المنطقة الآمنة التي ينادي بها أردوغان، هي مشروع قديم جديد، حيث تحدث أردوغان عن تلك المنطقة منذ عام 2013، وبينما جدد مطالبه في تنفيذه على أرض الواقع على طول الحدود الشمالية مع سوريا، لم يلق أي تأييد من قبل الدول الفاعلة بالملف السوري، وخاصة أميركا والأوروبيين، منذ ذلك التوقيت.
النوايا التركية تتمثل في إعادة مليون لاجئ سوري إليها، وتوطينهم في المنطقة الآمنة، بُغية استثمارهم سياسياً عند أي استحقاق سياسي إقليمي أو دولي، يراه أردوغان ضرورياً، فضلاً عن رغبات تركيا بـ إبعاد “وحدات حماية الشعب” الكردية، العماد العسكري لقوات سوريا الديمقراطية، من على حدودها، والتي تعتبرها تهديدا لأمنها القومي، متهمة إياها بالارتباط بـ”حزب العمال الكردستاني” المصنف على قوائم الإرهاب الدولية.

دوليا:
في التوقيت، وفي حال أقدمت تركيا بالفعل على تنفيذ تهديدات العملية العسكرية الحالية في شمال سوريا، فإنها ستكون الخامسة من نوعها للجيش التركي.في غضون ذلك وبينما كان لكل عملية عسكرية تركية في السابق ظرفها الخاص، يأتي التلويح بالخامسة في ظل مستجدات إقليمية ودولية، إذ جاءت تهديدات أردوغان بالتزامن مع قضية الطلب الذي قدمته فنلندا والسويد من أجل الانضمام لحلف شمال الأطلسي، وهو الأمر الذي تصر أنقرة على رفضه، وتشترط ضمانات تتعلق بالمنظمات التي تعتبرها إرهابية على طول حدودها .كما تأتي التهديدات في وقت تتحول فيه أنظار العالم إلى أوكرانيا والاجتياح الذي بدأته روسيا ضدها، منذ الرابع والعشرين شباط / من فبراير الماضي.

داخليا:
الحديث المتعلق بالعملية العسكرية يرتبط بعوامل داخلية، تتعلق بشكل أساسي بالانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها بعد عام من الآن، وما يرافق ذلك من ضغوطات تمارسها أحزاب المعارضة التركية، بشأن ملف اللاجئين السوريين، وضرورة إعادتهم إلى بلادهم.

العمليات العسكرية التركية في سوريا
في حال أقدمت تركيا بالفعل على تنفيذ تهديدات العملية العسكرية الحالية في شمال سوريا، فإنها ستكون الخامسة من نوعها للجيش التركي.
وكانت أولى العمليات في عام 2016، حملت اسم “درع الفرات”، وسيطر من خلالها الجيش التركي على مناطق واسعة في ريف حلب الشمالي والشرقي، بعد معارك خاضها مع فصائل المعارضة ضد تنظيم داعش.
ومع مطلع عام 2018 نفذ الجيش التركي وتحالف “الجيش الوطني السوري” الذي يدعمه عملية عسكرية ثانية حملت اسم “غصن الزيتون”، وسيطروا من خلالها على منطقة عفرين التي كانت خاضعة لسيطرة “وحدات حماية الشعب”.
وبعدها في عام 2019 أطلقا عملية عسكرية حملت اسم “نبع السلام”، وسيطروا من خلالها على شريط حدودي يمتد من مدينة رأس العين في ريف محافظة الحسكة، وصولا إلى تل أبيض في ريف محافظة الرقة.
ومن الشمال والشمال الشرقي إلى محافظة إدلب أطلق الجيش التركي، عقب ذلك، في عام 2020 عملية عسكرية كانت الأولى من نوعها ضد الجيش السوري، وحملت اسم “درع الربيع”. وجاء ذلك بعد ضربة جوية أسفرت عن مقتل أكثر من 30 عنصرا تركيا في منطقة جبل الزاوية بحسب الرواية التركية.

مواضيع ذات صلة
مواضيع ذات صلة
مواضيع ذات صلة
Related articles