اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن هناك محاولات مضنية لمحاولة استعادة النظام الأحادي القطبي، بعد انتهائه منذ أكثر من سنة ونصف.
وقال في كلمة له خلال مشاركته في الجلسة العامة لمنتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي الـ 25، إن “العالم لم يعد كما كان من قبل، والأوهام الجيوسياسية التي عفا عنها الزمن قوضت الثقة في العملات العالمية”.
وأشار بوتين إلى ان أمريكا بعد أن أعلنت النصر في الحرب الباردة، أعلنت أن مصالحها مقدسة، والآن تسير اللعبة في اتجاه واحد، وفي ظل هذه الظروف يكون العالم غير مستقر.
وأكد بوتين أن الشعب الروسي قوي وسيتعامل مع أي مشكلة، “وهذا يتضح من تاريخ بلادنا الممتد على مدى ألف عام”، وأوضح أن “هدف العقوبات كانت إسقاط الاقتصاد الروسي، ولم ينجحوا لأن قطاع الاقتصاد الروسي عمل بكفاءة، والشعب الروسي كرس وحدة الصف”، وتابع “لقد اعتقدوا أن الدولار سيصبح 200 روبل، واليوم اتضحت الحملة الدعائية”.
ولفت بوتين إلى ان “العقوبات يمكن فرضها على أي دولة بما في ذلك الدول الأوروبية وأي من الشركات الأوروبية”، ولفت إلى أن “أمريكا اعتبرت نفسها رسول الرب على الأرض عند إعلانها الانتصار في الحرب الباردة”.
وأضاف بوتين إلى ان “التوقعات المتشائمة الاقتصاد الروسي في مطلع الربيع لم تتحقق، بما في ذلك بلوغ الدولار 200 روبل”، وقال “يمكننا تخفيض سعر الفائدة الأساسية إلى 7%”.
وقال بوتين إن “العالم وصل إلى هذا الوضع نتيجة للأنشطة التي قامت بها الدول الصناعية السبع الكبرى على مستوى الاقتصاد والسياسة”، وأضاف “في الفترة الأخيرة أستمع إلى “تضخم بوتين” وحينما أرى ذلك، أتساءل: لمن يكتبون هذا الهراء”، لافتاً “جوهر المشكلة في السياسات الاقتصادية الغربية في الفترة الأخيرة”.
وأكد بوتين أن لا “علاقة لعمليتنا الخاصة في دونباس بما وصل إليه الوضع في أوروبا”، وأوضح ان “الولايات المتحدة الأمريكية كانت المورد الأساسي للكثير من السلع الغذائية، وكانت نموذجا لكثير من الدول، أصبحت الولايات المتحدة الآن مستوردا أكثر منها مصدراً”، وأن “خسائر الاتحاد الأوروبي المباشرة من فرض العقوبات ضد روسيا بلغت إلى الآن 400 مليار دولار”.
وأوضح أن “اختفاء الأسمدة يعني انخفاض إنتاج السلع الغذائية، وهو ما ينذر بالجوع حول العالم، وهي مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية”، وأضاف “في السنوات القادمة سيطلق العالم عملية تحويل الاحتياطيات من العملات التي فقدت قيمتها إلى قيم مادية حقيقية”.
وأكد بوتين أن “قرار العملية العسكرية الروسية الخاصة كان صعبا، لكنه كان حتميا”، وأن “الغرب كان يسيطر عسكريا على أوكرانيا، ويضخ الأسلحة هناك، ولا زال يفعل ذلك”.
ولفت إلى أن روسيا ستؤمن نقل الحبوب من الموانئ ولكن على الجانب الاوكراني تأمين الموانئ مما زرعوه من ألغام بحرية، وأن الغرب كان دائما سخيا في رفع درجة العدائية ضد روسيا، وخلق جو مسموم من “الروسوفوبيا”.
ولفت بوتين إلى ان العقوبات الغربية كانت مصممة على أن الاقتصاد الروسي هش وتابع وغير مستقل، موضحاً أن التغير في الاقتصاد الروسي، وقدرته على مواجهة العقوبات هو ما صنعناه معا خلال السنوات الماضية، مؤكداً أن العقوبات تفتح أمام روسيا فرصا كبيرة، ودافعا للمضي قدما فيما يخص الاستقلال التكنولوجي”.
وشدد بوتين على أن بلاده لن تسلك سلوك الانعزال عن العالم، وقال إن كل من يريد العمل مع روسيا يعاني من تهديدات بعضها مباشر من الولايات المتحدة، وأوضح أن موسكو ستتعامل مع من يريد التعامل معها من القادة القادرين على التمييز ما بين مصالح أوطانهم والإملاءات الخارجية.
وأعلن الرئيس الروسي أن موسكو ستفتح ممرات جديدة منها السكك الحديد وموانئ في البحر الأسود وبحر قزوين، وأنه من المرجح أن يصبح القمح الأوكراني المصدر أداة للدفع لقاء الأسلحة المقدمة لأوكرانيا.
وتوقع بوتين تفاقم مشكلات العدالة الاجتماعية وانقسام المجتمع في أوروبا بسبب أخطاء الاقتصاد، وأوضح أن الوضع الراهن في أوروبا سيؤدي إلى تصاعد الراديكالية، وفي المستقبل إلى تغيير النخب الحاكمة.
واتهم بوتين الولايات المتحدة بطباعة النقود لشراء السلع الغذائية حول العالم.
وتوجه بوتين لرجال الأعمال الروس بالقول “اربطوا استثماراتكم بالقطاعات الوطنية، واكتبوا أسماءكم في تاريخ الوطن كما فعل ذلك أجدادنا ممن بدأوا أعمالهم في روسيا: مامونتوف، تريتياكوف، شوكين”.
ودعا بوتين الروس إلى الإنجاب وقال إن مستقبل روسيا هو عائلات لديها طفلان أو ثلاث فأكثر. وقال في سياق أخر إنه لا بد من جعل بحيرة البايكال نموذجا للسياحة البيئية،/ ولا بد من التوصل إلى مفاتيح التكنولوجيا والوصول إلى “الاستقلال التكنولوجي”.
وأوضح بوتين أن الكثير من البرامج العلمية السوفيتية بما في ذلك في مجال الفضاء اعتمدوا على الريادة في مجال التكنولوجيا، وقال إن استبدال السلع الأجنبية يعني أن نسبق التكنولوجيا لا أن نلحق بها، وأضاف “لابد من التوصل للتكنولوجيا في القطاعات الحرجة، مثلما فعلنا في لقاح كورونا، وتمكننا من الوصول إلى اللقاح الأول في العالم”، ولفت إلى ان بطاقة الدفع والائتمان “مير” توسع نطاق عملها وتبدأ في الانتشار حول العالم.