تسييس التحقيق يهدد تماسك الحكومة الفتية.. واستعداد حقيقي للتحرك في الشارع

أرجئت جلسة الحكومة اللبنانية اليوم الأربعاء، والتي كانت مخصصة لمناقشة ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت إلى موعد لم يحدد بعد، فيما يتصاعد الخلاف السياسي بين أركانها، ما يهدد تماسكها، وربما وجودها، بعد أقل من أربعة أسابيع على نيلها الثقة.

يوم أمس، برز معطى جديد في مسار تسييس التحقيق، حينما أصر المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، على رفض تبلغه دعوى طلب رده عن القضية قبل أن يصدر مذكرة توقيف بحق وزير المالية السابق النائب علي حسن خليل، المستشار السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري. وعلقت التحقيقات مؤقتا بعد تبلغ البيطار في وقت لاحق دعوى طلب رده، المقدمة من الوزير السابق علي حسن خليل والنائب غازي زعيتر.

شهدت جلست الحكومة يوم أمس الثلاثاء نقاشات حادة حول ملف تسييس التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت

خطوة البيطار التي اعتبرت غير قانونية، مثلت دليلا جديدا على تسييس الملف، تسييس يغرق به المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، الذي بات ينخرط في عملية تصفية حسابات داخلية وخارجية، مدعومة من واشنطن، ضد خصومها في الداخل اللبناني.

بالتوازي، وبعد دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله “مجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى إلى التدخل سريعاً لوقف التسييس الفاضح الذي يحيط بعمل المحقق العدلي” مساء الاثنين، طرح ممثلو حزب الله وحركة أمل الامر في جلسة الحكومة يوم أمس، من خارج جدول الأعمال.

البرلمان اللبناني اعتبر إجراءات القاضي بيطار تجاوزا لصلاحياته

وزير الثقافة القاضي محمد مرتضى طالب مجلس الوزراء بخطوة عملية، وفي حال رفضت الحكومة البت بالأمر، فإن وزراء حزب الله وحركة أمل سينسحبون من الجلسة ولن يستمروا في متابعة جدول الأعمال، ما يرفع الميثاقية عن الحكومة بغياب المكون الشيعي عنها، في ظل النص الصريح للفقرة (ي) في الدستور اللبناني “على ان لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”.

مرتضى أوضح للوزراء “استنسابية القاضي البيطار وتسييس التحقيقات”، مشيرا إلى أن “قراراته مخالفة للدستور وهي تؤدي إلى الفوضى وضرب الاستقرار، والمطلوب من الحكومة أن تأخذ موفقاً واضحاً وسريعاً في شأنه”. ولفت مرتضى إلى “وجود لغط حول عمل المحقق وإلى اعتراضات ليس فقط سياسية وإنما شعبية عليه، وذلك يُمكن أن يؤدي إلى خلق شارع مقابل شارع”.

في المقابل، برز موقف الرئيس اللبناني ميشال عون الذي كان يترأس الجلسة، وقال إن لبنان بلد فيه فصل بين السلطات، ولا يمكن لمجلس الوزراء أن يفرض إجراءات عمل على السلطة القضائية. وعقب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالدعوة إلى التمهل ودراسة الموقف موافقاً على فكرة تكليف وزير العدل.

دفع موقف عون وميقاتي وزراء آخرين إلى التحذير من “انفجار الشارع المؤيد للبيطار”، وهنا رفع عون الجلسة إلى يوم الغد (اليوم)، وهي الجلسة التي تم تأجيلها قبل أن تنعقد، ما يعكس استمرار الخلاف السياسي داخلها.

داخل الحكومة، وبحسب مداولات جلسة أمس، لا يمانع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي بإيجاد المخرج القانوني لسحب ملف التحقيقات بانفجار المرفأ من القاضي بيطار، بما يمنع أخذ البلاد صوب مواجهات غير مطلوبة، خصوصا أن حزب الله وحركة أمل وتيار المردة والنائب طلال إرسلان ليسوا في صدد ترك الأمر، وأن استعدادهم للتحرك في الشارع حقيقي وقد يذهب باتجاهات واسعة أيضا.

وفي خضم هذه التطورات برز موقف للمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان اليوم يطالب بإقالة القاضي بيطار الذي “يحول الحكومة إلى متاريس ويدفع بالبلد والشارع نحو كارثة”، حيث حذر الشيخ قبلان بوضوح من “اللعب بالنار”.

وبهذا، تتجه الأنظار في المرحلة الحالية نحو موقف فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر داخل الحكومة، الذي سيحدد إمكانية إيجاد مخرج قانوني لإنقاذ التحقيق من التسييس الذي يتورط به القاضي بيطار، ومن ثمة تجنيب الحكومة والبلاد أزمة هي في الغنى عنها، في ظل الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بلبنان اليوم. ​

مواضيع ذات صلة
مواضيع ذات صلة
مواضيع ذات صلة
Related articles