انتخابات 2022.. اللبنانيون يقترعون وفق قانون النسبية للمرة الثانية على التوالي

للمرة الثانية على التوالي، يقترع اللبنانيون في الإنتخابات النيابية لعام 2022 على أساس النظام النسبي ضمن لوائح على أساس الصوت التفضيلي، بعد أن اعتمد لبنان النظام الأكثري منذ تأسيس الجمهورية اللبنانية سنة 1920.

والفارق بين النظامين أنه في السابق كان المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات يفوز بالانتخابات، ويخرج من يحصل على أصوات أقل من المنافسة. وكذا، لم تكن اللوائح مغلقة إذ يمكن خرقها بالمنافسين بحسب عدد الأصوات التي يحصلون عليها، وكان يمكن لمرشح أن يخوض الانتخابات منفرداً من دون الدخول في لائحة.

أما مع القانون الجديد، فقد أصبحت المنافسة فيما بين اللوائح ولم يعد هناك إمكانية لترشح أفراد بلا لوائح. وأصبحت الفرص واسعة أمام اللوائح للمنافسة على المقاعد النيابية. فالمقاعد تتوزع بحسب النسب المئوية لا بحسب الأكثرية المطلقة، إذ إن كل لائحة تحصل على “الحاصل الانتخابي”، تحجز مقعداً أو أكثر في البرلمان.

وهنا بعض المفاهيم فيما يتعلق بالقانون الإنتخابي الجديد:

* توزيع المقاعد على اللوائح
تحصل كل لائحة على نسبة من المقاعد توازي نسبة الأصوات التي نالتها، من خلال قسمة مجموع الأصوات في الدائرة على عدد المقاعد (الحاصل الإنتخابي)، وتعطى كل لائحة عدداً من المقاعد يوازي عدد المرات التي تردد فيها هذا الحاصل في أصواتها في المرحلة الأولى، حيث هناك مرحلة ثانية متعلقة بتوزيع المقاعد المتبقية، التي لم توزع في المرحلة الأولى، وفقاً للكسور، فتحصل على هذه المقاعد اللوائح ذات الكسور الأكبر.

* الحاصل الإنتخابي
وهو الرقم المفترض لكل لائحة أن تحصل عليه حتى لا يتم إلغاءها.
وهي تأتي من قسمة عدد المقترعين في كل دائرة على عدد المقاعد، وبعد ذلك في عملية توزيع المقاعد يتم إستبعاد الأصوات التي حصلت عليها اللائحة أو اللوائح التي لم تصل إلى الحاصل الإنتخابي، للحصول على عدد الأصوات التي يعتد بها.

ثم يتم فيها توزيع المقعدين المتبقيين، عبر العودة إلى الكسور، أي عدد المرات التي تكرر فيها الحاصل الإنتخابي في الأصوات التي نالتها كل لائحة، وبالإعتتماد على الكسر الأكبر تحصل اللائحة على مقعد إضافي.

* الصوت التفضيلي
بحسب قانون الإنتخاب الجديد، يحق للناخب منح صوته التفضيلي لمرشح واحد ضمن اللائحة التي قرر التصويت لها، ولهذا الأمر أهمية بالغة نظراً إلى أن المقاعد التي حصلت عليها كل لائحة ستوزع على مرشحي اللائحة الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات التفضيلية.

وهذه الطريقة في توزيع المقاعد تراعي توزيعها بحسب مناطق وطوائف الترشيح مع الأخذ في عين الاعتبار: المتفوقون تفضيلياً داخل كل لائحة بحسب آراء ناخبيها، المتفوقون بين المرشحين جميعهم على المقعد عينه من اللوائح جميعها لإعطاء الأفضلية للأكثر شعبية في دائرة ترشيحه.

وفيما يلي شرح مفصل عن قانون الانتخاب الجديد:

*عملية الاقتراع
في البداية، توزع وزارة الداخلية والبلديات قسيمة انتخاب موحدة على أقلام الاقتراع. عندما يدخل الناخب إلى القلم، يحصل على هذه القسيمة التي تتضمن: اللوائح المتنافسة كلها، وكل لائحة تختار لوناً مختلفاً عن الأخرى، وتتضمن كل لائحة صور المرشحين فيها، إضافة إلى خانة فوقها يضع الناخب علامة عليها لتحديد ترشيحه لكل أعضائها، من دون إمكانية لشطب أحدهم. وقرب اسم كل مرشح يوجد خانات بيضاء وسوداء، الخانات البيضاء تعني أن هذا المرشح هو من ضمن دائرتك الانتخابية الصغرى وبالتالي يمكن أن تضع له صوتك التفضيلي، والخانة السوداء تعني أنه ضمن دائرة صغرى لا تنتمي إليها، ولا يمكنك إعطاؤه صوتك التفضيلي.

بعد اختيار لائحتك، والمرشح من ضمن هذه اللائحة حصراً الذي حصل على صوتك التفضيلي، تضع القسيمة في صندوق الاقتراع وننقل إلى عملية احتساب الأصوات واللوائح الفائزة والخاسرة.

* احتساب الأصوات
لتحديد خسارة لائحة أو فوزها، لا بد من احتساب الحاصل الانتخابي، والأخير هو قسمة عدد المقترعين على عدد المقاعد في كل دائرة. مثلاً، إن وصل عدد المقترعين في دائرة الجنوب الأولى إلى 60 ألف مقترع من أصل 122382 ناخباً، وقد خصص لهذه الدائرة 5 مقاعد نيابية تتنافس عليها 3 لوائح (الوطن، السلام، الاستقرار)، بالتالي فإن الحاصل المتوقع يبلغ (60 ألفاً/ 5) 12000 صوت. كل لائحة من اللوائح الثلاث التي تحصل على هذا العدد من الأصوات تتأهل للمرحلة الثانية، أما اللوائح التي لا تحصل على 12 ألف صوت فتخرج مباشرة من المنافسة.

في المرحلة الثانية يتم احتساب الأصوات التي حصلت عليها اللوائح الفائزة من دون احتساب أصوات اللوائح الخاسرة، للوصول إلى الحاصل الانتخابي الثاني. مثلاً، إذا خرجت لائحة الاستقرار من المنافسة كونها لم تصل إلى الحاصل الانتخابي (12 ألف صوت)، وإذا كانت اللائحة الخاسرة هذه قد حصلت على 10 آلاف صوت، عندها يصبح الحاصل الانتخابي الثاني (60 ألفاً – 10 آلاف/ 5) 10000 صوت.

عندها، يقسم عدد أصوات كل لائحة على 10000، للوصول إلى نسبة المقاعد التي تحصل عليها. مثلاً، إذ حصلت لائحة الوطن على 30 ألف صوت، نقوم بالمعادلة التالية (30 ألفاً/ 10 آلاف) لتنال هذه اللائحة 3 مقاعد، وإن حصلت لائحة السلام على 20 ألف صوت تحصل بالمقابل على مقعدين.

* الصوت التفضيلي
أما عملية احتساب الصوت التفضيلي فلها معادلتها الخاصة. ويمكن القول إن الصوت التفضيلي هو الذي يحسم أسماء المرشحين الذين سيحصلون على مقاعد في البرلمان اللبناني.

إذ يتوزع المرشحون في اللوائح مذهبياً في الدوائر الصغرى والكبرى. ما يعني أن كل دائرة لها عدد من المرشحين من مذهب محدد، وعدد مرشحين آخرين من مذاهب أخرى. مثال:

تضم دائرة الجنوب 1 الكبرى دائرتين صغيرتين: دائرة صيدا (مقعدان للمذهب السني) ودائرة جزين (3 مقاعد: 2 موازنة وواحد روم كاثوليك). وقد تأهلت إلى المرحلة الثانية لائحتان: الوطن (3 مقاعد)، والسلام (مقعدين).

* في احتساب الأصوات التفضيلية
أولاً يتم ترتيب المرشحين بحسب نسبة الأصوات التفضيلية التي حصلوا عليها في الدائرة الصغرى. أي يتم احتساب مجموع الأصوات التفضيلية لكل المرشحين في دائرة جزين: 20 ألف صوت مثلاً. وفي دائرة صيدا: 10 آلاف صوت.

* ندخل إلى لائحة الوطن حيث نقسم عدد الأصوات التفضيلية لكل مرشح من جزين على مجموع الأصوات التفضيلية في هذه الدائرة. وكذا الحال في صيدا.

لنفترض أن المرشح هيثم (ماروني) حصل على 3 آلاف صوت تفضيلي (100 X 3000/ 20000 = 15%)، سعاد (مارونية) على 5 آلاف صوت تفضيلي أي 25%، دلال (روم كاثوليك) على ألفي صوت تفضيلي أي 10%.

وفي صيدا، حصل سعيد (سنّة) من اللائحة ألف على 4 آلاف صوت (100X4000/10000 = 40%)، أحلام (سنّة) على ألفي صوت أي 20%.

* أما في اللائحة ب، فقد حصل مرشحو دائرة جزين على: مراد 4 آلاف صوت تفضيلي أي 20% (ماروني)، سناء على 5 آلاف صوت تفضيلي أي 25% (روم كاثوليك) وإقبال على ألف صوت تفضيلي أي 5% (مارونية). أما في صيدا، فحصل شكيب (سنّة) على ألف صوت أي 10% ومنال (سنّة) على 3 آلاف صوت أي 30%.

* يجب ألا ننسى أن اللائحة أ يحق لها ثلاثة مقاعد/ واللائحة ب مقعدين، في حين أن للسنّة مقعدين وللموارنة مقعدين وللروم الكاثوليك مقعداً واحداً.

* اللوائح الناقصة
بطبيعة الحال إن كانت اللائحة ناقصة، ففرص وصولها للبرلمان تصبح أقل من اللوائح المكتملة المنافسة. ففي حال كانت اللائحة الناقصة في جزين عاليه لا تضم مرشحاً عن مقعد الروم الكاثوليك مثلاً، وحصلت على مقعد واحد، وفي حال كانت نسبة الأصوات التفضيلية لكل مرشحيها الموازنة والسنة أقل من نسبة أصوات المرشحين على اللوائح الأخرى، عندها تخسر فرصة انتقال مرشح منها إلى البرلمان.

* النسبية
يقوم القانون الانتخابي الجديد على قاعدة النسبية، مع دخول عناصر جديدة إلى الممارسة الانتخابية في لبنان وهي: الصوت التفضيلي، الحاصل الانتخابي، القسيمة الانتخابية الموحدة، توزيع الدوائر الكبرى والصغرى.

تتنافس اللوائح فيما بينها من جهة للحصول على أعلى نسبة من الأصوات في الدائرة الكبرى والوصول إلى الحاصل الانتخابي (عدد المقترعين قسمة عدد المقاعد في كل دائرة). مثلاً إن كان عدد المقترعين في الدائرة 100 ألف وعدد المقاعد 10، يكون الحاصل الانتخابي 10 آلاف صوت. لنفترض يوجد 4 لوائح: لائحة أ حصلت على 40 ألف صوت، لائحة ب حصلت على 20 ألف صوت، لائحة ج حصلت على 35 ألف صوت، ولائحة د حصلت على 5 آلاف صوت، تتأهل اللوائح الأولى وتخرج اللائحة د من المنافسة كونها لم تستطع الحصول على 10 آلاف صوت (الحاصل الانتخابي).

لاحتساب عدد مقاعد كل لائحة، تتم إعادة احتساب الحاصل الانتخابي من جديد بعد حذف أصوات اللائحة الخاسرة (5 آلاف صوت)، ليصبح الحاصل الجديد 95 ألف صوت قسمة 10 مقاعد = 9500 صوت. بعدها نقسم عدد أصوات كل لائحة على الحاصل الجديد، لتنال اللائحة أ أربعة مقاعد (40 ألف صوت/ 9500). واللائحة ب على مقعدين، واللائحة ج على 4 مقاعد.

أما الصوت التفضيلي: يحق للناخب إعطاء صوت تفضيلي وفقاً للدائرة الصغرى حصراً. ما يعني أن الناخب يصوت للائحة الجنوب الأولى (صيدا – جزين) كاملة، ولكن إن كان من جزين فلا يحق له إعطاء صوته التفضيلي إلا للمرشحين عن جزين وكذا بالنسبة إلى الناخب من صيدا الذي يعطي صوته التفضيلي في اللائحة إلى مرشحي صيدا حصراً. ويتنافس المرشحون في اللائحة ذاتها ومع اللوائح الأخرى على اكتساب الصوت التفضيلي للناخب.

* الإنفاق الانتخابي
رفع القانون أولاً كلفة الترشح إلى الانتخابات من مليوني ليرة إلى 8 ملايين ليرة، غير قابلة للاسترداد في حال الانسحاب،.

كذا، رفع القانون من سقف الإنفاق للمرشحين إلى مستويات قياسية، إذ تشير المادة 61 إلى أن سقف الإنفاق يتألف من قسم ثابت مقطوع قدره مئة وخمسون مليون ليرة لبنانية، يضاف إليه قسم متحرك مرتبط بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى التي ينتخب فيها وقدره خمسة آلاف ليرة عن كل ناخب من الناخبين المسجلين في قوائم الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى.

أما سقف الإنفاق الانتخابي للائحة فهو مبلغ ثابت مقطوع قدره مئة وخمسون مليون ليرة عن كل مرشح فيها.

* هيئة الإشراف على الانتخابات
يمكن اعتبار هيئة الإشراف على الانتخابات من أبرز الهيئات الرقابية المفترضة في لبنان، كونها مؤتمنة على تنظيم ومراقبة أهم عملية تفويضية من الشعب إلى أعضاء مجلس النواب.

ففي المادة التاسعة منه يشير القانون الجديد إلى استقلالية الهيئة مع إبقاء التنسيق مع وزير الداخلية. إلا أن القانون ذاته، يربط هذه الهيئة بشخص وزير الداخلية في العديد من النقاط الجوهرية. إذ تتألف الهيئة من 11 عضواً وتضم: 3 قضاة متقاعدين، نقيبين سابقين للمحامين، ممثلاً عن نقابة الصحافة، خبيراً في شؤون الإعلام، نقيباً سابقاً لخبراء المحاسبة، إضافة إلى خبيرين انتخابيين يرشحهما الوزير، وممثل عن المجتمع المدني يتم اختياره وفق آلية يضعها الوزير. وفي حال شغور أحد هذه المراكز، فالوزير يقوم بتعيين بديل عنه.

وكذا، تشير المادة 11 من قانون الانتخاب إلى أنه يُعيَّن أعضاء الهيئة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير. وفوق ذلك، يبقى تمويل هذه الهيئة من ضمن موازنة وزارة الداخلية والبلديات، في حين أن الوزير يواكب أعمال الهيئة، ويحدد مقرها، ويؤمن لها مقراً خاصاً مستقلاً ويحضر اجتماعاتها عند الاقتضاء، من دون أن يشارك في التصويت. وكذا، لا تعتبر هذه الهيئة دائمة وإنما مرتبطة بالعملية الانتخابية.

وتعتبر الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (لادي)، أنه بما أن الحكومة المشرفة على الانتخابات كما وزير الداخلية والبلديات أطراف أساسيّة في الحملات الانتخابيّة في الدورة الانتخابيّة الحالية، فقد كان من الضروري وجود هيئة مستقلة تقوم بتنظيم وإدارة الانتخابات والإشراف عليها وتعمل كمؤسسة منفصلة كليّاً عن السلطة التنفيذيّة تحديداً وبقيّة السلطات وتتمتع باستقلال مالي وإداري.

مواضيع ذات صلة
مواضيع ذات صلة
مواضيع ذات صلة
Related articles