أعلن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف أن قرار واشنطن تسليم كييف راجمات صواريخ بعيدة المدى، يهدد الأمن الروسي.
وقال ميدفيديف في لقاء مع قناة الجزيرة، جرى أمس الخميس، ويبث لاحقًا، إنه في حال استهداف الأراضي الروسية بهذه الصواريخ، فلن يبقى أمام روسيا غيرُ استهداف مراكز صنع القرار في أوكرانيا.
وأضاف أن موسكو لاحظت تغير المزاج في واشنطن التي أكدت في البداية أنها لن تزود كييف براجمات الصواريخ البعيدة المدى، وبعدها تم تعديل الموقف وتأكيد أن أنواعا معينة من تلك الأسلحة سيتم إرسالها، مشيرا إلى أنها ليست بعيدة المدى ولكنها تُشكل مع ذلك خطراً على روسيا.
وشدد على أنه إذا تم استعمال تلك المنظومات لضرب العمق الروسي، فعندئذ لن يتبقى لروسيا سوى الرد وفتح النار على مركز اتخاذ القرار، الذي قد يكون في وزارة الدفاع وهيئة الأركان وغيرها.
وتابع ميدفيديف أنّ فُرص الحل في أوكرانيا عبر المفاوضات تتضاءل، واتهم الولايات المتحدة والدولَ الغربية بالتأثير على قرار كييف في مواصلة المفاوضات.
ولفت الى أن موسكو ستستمر في عمليتها العسكرية الخاصة، مما سيؤدي إلى خسارة أوكرانيا أراضي إضافية.
وأشار المسؤول الروسي إلى أنه في فترة ما، بدا كأن أوكرانيا تريد الاتفاق على النقاط الأساسية، وهو ما بدا واقعياً ولو بشكل نسبي، ويمكن تلخيص ذلك، باعتراف كييف بالأمر الواقع فيما يخص الحدود في القرم ودونباس، والمنظمات الدولية بما فيها الأحلاف العسكرية، أي أن أوكرانيا تلتزم بعدم الانضمام لحلف الناتو وتتخذ سياسة الحياد، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير تحد جزئياً من التسلح، ولكن في مرحلة ما وتحت تأثير واشنطن وبروكسل، أوقفت كييف تلك المفاوضات، وهو ما أدى إلى تعقيد الوضع بحسب قوله.
كما حذر نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، من أن الحرب النووية تعني نهاية البشرية ولا يمكن السماح بحدوثها، مشددا على أنه لا يسعى لإخافة أحد.
وأردف: “بطبيعة الحال لا أحد يريد حربا نووية. هذا طريق مسدود وهذه نهاية البشرية، وعلينا جميعا أن نفعل كل شيء حتى لا يحدث انهيار نووي على الأرض أبدا”.
ورداً على سؤال وصفه بالصعب للغاية عما إذا كانت هناك مخاوف اليوم من بدء حرب عالمية ثالثة، قال ميدفيديف: “عندما تجيب، بعد ذلك تظهر التعليقات أن الروس يخيفون الجميع. لذلك لا أريد أن أخيف أحدا”، مذكراً بأنه شغل في 2008-2012 منصب رئيس روسيا، وكان القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكان مسؤولا عن الحقيبة النووية.
وأوضح: “عندما يقولون إن هذا مستحيل، لأنه غير ممكن أبدا، فهم مخطئون دائما. علاوة على ذلك، فقد تم استخدام الأسلحة النووية بالفعل في تاريخ البشرية. ولم يفعل ذلك سوى الأمريكيون”، مضيفا أن “الأهم هو أن القرارات التي تتخذها الدول يجب أن تتخذ ببرود أعصاب مع مراعاة كل الحقائق”.
وأشار إلى النقاط الرئيسية في أساسيات سياسة الدولة الروسية في مجال الردع النووي، موضحا أن “روسيا ترد على ضربة نووية في حالة تعرضها لهجوم نووي، أو في حال تعرضها لهجوم على ما يسمى بالبنية التحتية الحيوية، أو إذا تعرضت روسيا لهجوم تقليدي لكن هذه الضربة تهدد وجود الدولة نفسها”.
كما اعترف مدفيديف بأنه “لعل القشة التي قصمت ظهر البعير التي أثرت في القرارات النهائية، كانت إعلان أوكرانيا عن رغبتها في استعادة أسلحتها النووية”. واضاف “في مثل هذه الظروف كان على بلادنا ان توفر لنفسها مستوى الامن الضروري”.
ووفقا له، قبل بدء العملية الخاصة، كان العامل الذي “لا يمكن إلا أن يساعد في إثارة قلق روسيا هو توسع الناتو، وهو ما كررته موسكو مرارا على جميع المستويات”. وأشار إلى أنه في نهاية العام الماضي، أرسل الجانب الروسي مسودة معاهدة بشأن الضمانات الأمنية إلى واشنطن وحلف شمال الأطلسي لنقل حججها، مشيرا إلى انهم “لم يسمعوا. استمروا إلى ما لا نهاية في الحديث عن نفس الشيء: من يريد، ينضم إلى [الناتو]، وسوف نتوسع بقدر ما نريد”.
وأضاف: “لكننا وأنتم نتفهم أن هذا تهديد مباشر وواضح لنا. إن وجود قواعد أجنبية وقواعد الناتو على الحدود مع روسيا، حيث سيتم نشر أنظمة الصواريخ الهجومية، هو مجرد ثورة كاملة في القضايا الأمنية. هذا من شأنه أن يخلق نوع تهديدات غير مقبول على الإطلاق بالنسبة لنا. لقد تحدثنا أيضا عن هذا أكثر من مرة”.
وبحسب مدفيديف، فإن تحقيق روسيا لأهداف العملية الخاصة في أوكرانيا يجب أن يؤدي إلى إنشاء نظام جديد للأمن الدولي، غير متمحور حول أمريكا.
وأوضح أن العالم تغير فعليا، بعد بدء روسيا عمليتها الخاصة في أوكرانيا. وقال إن العملية العسكرية الروسية يجب أن تقود في النهاية إلى ظهور ما سمّاه “هندسة جديدة للأمن العالمي”.
وقال: “في نهاية المطاف، كل هذا يجب أن يؤدي حقا إلى تشكيل هيكل أمني دولي جديد. غير متمحور حول أمريكا، حيث تكون واشنطن على رأس نظام الأمن الدولي بأكمله، والفرحة في فترة معينة باختفاء الاتحاد السوفيتي وانهيار حلف وارسو والمعتادة على حقيقة أن جميع الخطوط العريضة يتم اتخاذها في الخارج أي في واشنطن، بل بالتحديد نظام متوازن ونظام يقوم على مراعاة مصالح جميع الدول”.
وأعرب مدفيديف عن ثقته بأن مثل هذا النظام الجديد للأمن الدولي يتم تشكيله بالفعل في الوقت الحاضر، وملامحه مرئية بالفعل، مؤكدا ان “هذا يجب أن يكون نظاما له العديد من الأقطاب، نظام متعدد الأقطاب، وليس نظاما يركز على دولة واحدة”.
وتابع: “الجميع يحتاج إلى مثل هذا النظام، وبلدنا بحاجة إليه، والصين بحاجة إليه، وعدد كبير من البلدان التي لا تنتمي إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، بما في ذلك الشرق العربي وأفريقيا وأمريكا اللاتينية”، معربا عن ثقته في أن مثل هذا النظام سيكون أكثر عدلا”.
وفي حديثه عما إذا كانت العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا ستغير ميزان القوى على المسرح العالمي، أكد مدفيديف أن “كل شيء قد تغير بالفعل، لقد تغير العالم بالفعل وتغير الهيكل الأمني. الكل يدرك ذلك”.