أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن القائد الشهيد الحاج قاسم سليماني استطاع من خلال عقله وحضوره الدائم ودأبه أن يربط قوى محور المقاومة، وأن يوجِد تنسيقاً قوياً وأن يدخل إلى كلّ قوة ليزيدها قوةّ ودعماً، وهو ساهم في إعطاء الأمل في الشدائد من خلال الحضور في الخط الأمامي.
وفي كلمة له خلال مهرجان “الكبرياء والوفاء”، الذي نظّمه حزب الله في الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد القائدين الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهندي المهندس في مجمع سيد الشهداء (ع) في الضاحية الجنوبية، قال السيد نصر الله إن “الحاج قاسم سليماني كان مخلصاً، وهو كان من المرشحين الطبيعيين لرئاسة الجمهورية في ايران، ولكن هو فضّل البقاء على الجبهة، وكان يطلب عشق اللقاء والشهادة ولم يطلب لنفسه شيئا، وكان لديه الكثير من القدرات الشخصية في الذكاء والتحمل وهو كان شخصية مميزة”، وأضاف “كان يستند الى قيادة حكيمة الى قائد حكيم وشجع مدبر مطل على كل ساحات العالم هو الإمام الخامنئي، الحاج قاسم كان يسير بتوجيهات وضوابط الامام الخامنئي”، وأوضح أن “الحاج قاسم كان جندي الولاية وليس جنرالها وأوصى بأن يُكتب على قبره أنه جندي الولاية”.
وتابع السيد نصر الله: “عندما دخل الحاج قاسم إلى مياديننا كان يتوفر له وبين يديه ثلاثة عوامل، الأول شخصيته بما يتمتع به من صدق واخلاص كبيرين وكان على درجة عالية من التقوى وشوق للقاء الله”، وتابع: “خلال عقدين، تولى الحاج قاسم قيادة قوة القدس في الحرس الثوري الايراني”، وأشار إلى أن “الحاج قاسم كان عندما يدخل إلى قوّة و جهة يدعمها ويزيدها قوة ويقدم لها الدعم المادي والفكري والأمل من خلال اللقاءات والحضور المباشر في الجبهات والخط الأمامي”.
وأكد الأمين العام لحزب الله أن المشروع الأميركي يسعى إلى الهيمنة والتسلط والسيطرة على الثروات، مشيراً إلى أن النسخة الأولى من المشروع الأميركي في المنطقة الذي واجهه الشهيد سليماني وقادة شهداء آخرون هو مشروع الشرق الأوسط الجديد في لبنان وفلسطين، وهذه النسخة بدأت عام 2001 بعد استلام جورج بوش الإبن الرئاسة، وأفغانستان لم تكن في الخطة وفق ما نُشر فيما 11 أيلول أعطى قوة دفع للمشروع الاميركي لدخول افغانستان والعراق والاقتراب من ايران وسوريا.
وأضاف السيد نصرالله “بدأ العمل على ضرب المقاومة في فلسطين والمقاومة في لبنان في العام 2006 وكان المخطط يقضي بالاجتياح وفرض قوات متعددة الجنسيات في المطار والمرافئ والحدود، وهنا دخل الحاج قاسم سليماني في الخط الأمامي كقائد وايران صمدت وسوريا كذلك وفشل العدو في حرب تموز”، مؤكداً أنه “لو نجحت الحرب الصهيونية على لبنان لأكملت على سوريا لكن ذلك لم يحصل وهنا يحضر الشهيد سليماني”.
وشدد الأمين العام لحزب الله على أنه “إذا جمعنا ما قامت به المقاومة العراقية وصمود إيران وسوريا والمقاومة في لبنان وفلسطين فنخرج بنتيجة هي أن نسخة المشروع الاميركي الأولى انتهت وفشلت”، وأضاف: “نتيجة النسخة الأولى من المشروع الاميركي أن يضطر ترامب الى الذهاب سراً الى العراق وقد أقر بذلك بالرغم من انفاق أميركا لـ 7 آلاف مليار دولار في النسخة الأولى من هذا المشروع”، وسأل السيد نصرالله “ماذا لو لم يكن الموقف الايراني ولم تصمد سوريا ولم تكن هناك ارادة مقاومة لدى شعوب المقاومة واحتلت اميركا منطقتنا؟”.
وتابع السيد نصر الله: “في النسخة الثانية من المشروع الاميركي أخذت الحروب طابعاً داخلياً، فالشعوب في المنطقة تتقاتل في ما بينها وجيء بالتكفيريين لخوض المعارك وأخذت المعارك طابعاً طائفياً، النسخة الثانية من المشروع الاميركي هي نسخة تدمير دول وشعوب وتحطيم كل ما في المنطقة فتعود اميركا بعنوان المنقذ”، وأضاف: “بدأت النسخة الثانية مع أوباما حيث اكتشفوا ان الحروب الواسعة فاشلة، واكتشفوا ان التعويل على اسرائيل في الحروب فاشل”، وتابع “في النسخة الثانية من المشروع الاميركي حضر سليماني والمهندس في العلن لأنه كان من المفترض ان يكونا في الميدان”، مشيراً إلى أن “النسخة الثانية من المشروع الأميركي فشلت في تحقيق أهدافها وفي إخضاع إيران والعراق وفلسطين وسوريا ولبنان واليمن، بل أطلقت عناصر قوّة جديدة في منطقتنا”، وأكد أن “المشروع الأميركي الثاني في المنطقة فشل أيضا بفعل المقاومة والصمود وحضور القائدين سليماني والمهندس”، ورأى أنه “امام اخفاقين كبيرين وتاريخيين للمشروع الاميركي وصلنا الى ترامب الذي رأى بتوجيه ضربة حاسمة للمحور وكان اغتيال القائدين سليماني والمهندس”.
وأوضح السيد نصر الله ان “الهدف من الاغتيال هو كسر المقاومة وارهاب العراقيين واضعاف اطراف محور المقاومة في سوريا وايران ولبنان وفلسطين”، وتابع: “الهدف من الاغتيال أيضا هو إبعاد أهم خطر استراتيجي على كيان الاحتلال”، مضيفاً: “كانت النتيجة معاكسة للمخطط الاميركي بتشييع مليوني للشهيد سليماني كان الأكبر في التاريخ وتحوله الى ملهم ورمز للايرانيين وثبات القادة الايرانيين”، وقال: “كانت النتيجة معاكسة للمخطط الاميركي في العراق أيضا من خلال بيان المرجعية وتعاطي الشعب العراقي بكل اطيافه بوفاء كبير والتظاهرة المليونية في بغداد المطالبة بإخراج القوات الاميركية واستهداف هذه القوات وفي النهاية قرار الخروج من العراق”، ولفت الى أنه “في فلسطين أيضا كانت معركتا سيف القدس ووحدة الساحات وصمود الشعب الفلسطيني”، مؤكداً أنه “بعد استشهاد الحاج سليماني سقطت صفقة القرن ولبنان ثبت قواعد الردع وأحرز الانتصار في ملف ترسيم الحدود البحرية”.
وأشار الأمين العام لحزب الله إلى أن النسخة الثالثة من المشروع الأميركي بدأت بالحرب الاقتصادية، وهذا يحتاج إلى حديث كثير.
وقال السيد نصرالله “نحن أمام حكومة “إسرائيلية” جديدة من فاسدين ومجرمين ومتطرفين ومتشدّدين، وهذه الحكومة لا تخيفنا على الإطلاق، وربما نتفاءل بتعجيل نهاية الكيان المؤقت على أيدي هؤلاء، من خلال ارتكاب حماقات وأخطاء قد تودي بهم إلى الهاوية”، وشدد على أن التعرض للمسجد الأقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين وبيت المقدس لن يفجّر الوضع داخل فلسطين فقط بل قد يفجر المنطقة بكاملها”، وأكد أنه “لن نتسامح مع أي تغيير في قواعد الاشتباك او أي مسّ بما هو وضع قائم على مستوى الحماية للبنان”، وأن “العين في الحقيقة مع هذه الحكومة الصهيونية الجديدة متوجهة إلى فلسطين الى القدس والضفة الغربية والمسجد الأقصى”.
وعلى الصعيد المحلي، أكد الأمين العام لحزب الله أن “المقاومة في لبنان ليست بحاجة الى غطاء، فما تريده هو رئيس لا يطعن المقاومة في ظهرها ولا يتآمر عليها وهذا حقنا الطبيعي”، وتابع “هناك مواصفات طبيعية لرئيس الجمهورية وأنا أضفت صفة هي أن لا يكون متآمراً على المقاومة ولا يطعنها وحقنا أن نتمسك بهذه الصفة”، وأضاف: “رئيس لا يطعن المقاومة يعني لا يذهب بالبلد الى حرب أهلية ورئيس يريد الوفاق والحوار ويساعد في حماية لبنان أمام التهديدات والمخاطر فهذه مصلحة وطنية لكل البلد”، وأوضح أن “من ينتظر المفاوضات بين اميركا وايران حول النووي من الممكن أن ينتظر عشرات السنين، فنبقى بلا رئيس جمهورية”. وقال: “من ينتظرون توافقاً سعودياً إيرانياً أنتم ستنتظرون كثيرًا، لأن ايران لا تتدخل بالشأن الداخلي اللبناني”.
وأضاف السيد نصرالله “أقول للشعب اللبناني يجب أن نُجمع على رئيس لأنه المدخل إلى إعادة تشكيل الدولة من جديد، ويجب أن نعود إلى بعضنا البعض، وبعض اللقاءات الثنائية التي حصلت الأسبوع الماضي جيدة في ظل غياب حوار جامع بالطريقة التي دعا إليها الرئيس بري، وأقول لكم لا تنتظروا الخارج”، ورأى أن المسؤولية المترتبة على القوى السياسية اللبنانية والتكتلات النيابية أكبر من أي وقت مضى.
وأكد الأمين العام لحزب الله الحرص على التواصل مع “التيار الوطني الحر” وقال: “ستكون هناك لقاءات قريبة، ولن لا ننزع يدنا من أيدي حلفائنا، إلا إذا أراد الطرف الآخر ذلك”، مضيفاً: “نحن دائماً نفضّل النقاش الداخلي مع الحلفاء ونحرص على الأدبيات في حال كان النقاش علنياً”، وتابع “أؤكد على حفظ هذه العلاقة وعلى معالجة الخلل الذي حدث وأي خلل آخر قد يحدث مع أي حليف أو صديق”.
وختم السيد نصرالله خطابه بالقول: “دماء القائدين الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس أطلقت مرحلة تاريخية في الصراع مع العدو وستقود منطقتنا حتماً إلى الانتصار”.