تداعيات الأزمة الاوكرانية، ترخي بظلالها على الوضع السياسي في باكستان، لاسيما بعد الكشف عن التهديدات الأميركية، التي تلقّاها رئيس الوزراء عمران خان من الادارة الاميركية، على خلفية زيارته الأخيرة الى موسكو، ورفضه لاقامة قواعد عسكرية أميركية على اراضيه.
باكستان التي تسعى الى الحفاظ على قدراتها الذاتية عبر توسيع علاقتها الاستراتيجية مع روسيا ودول مجاورة، لم يرق الأمر للادارة الأميركية، التي تسعى لإدخالها في أزمة سياسية، لا يُخفى حجم تداعياتها الأمنية والاقتصادية على بلد لم يكد يتخلص من التهديات الارهابية، و يعيش على حدود أفغانستان، التي لا تزال تعاني من عدم الاستقرار السياسي.
تداعيات الانقسام السياسي، ظهرت بشكل جلي، في كلام قائد الجيش الباكستاني الجنرال قمر جاويد باجوا، الذي خرج بموقف مخالف تماماً لموقف رئيس الوزراء، باعلانه عن رفضه لما وصفه بالعدوان الروسي على أوكرانيا.
الجنرال قمر جاويد باجوا، وصف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بأنها “مأساة كبرى”، داعيًا إلى وقفها بشكل فوري. وقال كلمة له خلال اليوم الثاني لمؤتمر الحوار الأمني في إسلام آباد، أنه “على الرغم من المخاوف الأمنية المشروعة لروسيا، فإنه لا يمكن التغاضي عن عدوانها على دولة أصغر، في اشارة الى العملية العسكرية الروسية في الاراضي الاوكرانية. ودعا الى وقف فوري لـ” الأعمال العدائية”، مؤكدا دعم الحوار الفوري بين جميع الأطراف لإيجاد حل دائم للصراع.
كلام قائد الجيش الباكستاني، يأتي بعد عدّة تحذيرات أطلقها رئيس الوزراء عمران خان، كشف فيها عن وجود تآمر للإطاحة بحكومته، من قبل جهات باكستانية مدعومة خارجياً، في إشارة غامضة إلى الجيش الذي كان يحضى بتأييده في السابق، لافتاً الى تلقّيه تهديدا مكتوبا يطلب منه التنّحي من أجل المصلحة الوطنية.
وعن التدخّل الخارجي، أفصح خان أن التهديد باسقاط حكومته، تلقّاه من الادارة الأميركية، لأنه رفض إقامة قواعد عسكرية لها على الأراضي الباكستانية، وبسبب زيارته لموسكو، لأنّه أراد أن تكون سياسة باكستان مستقلة.
ورفض عمران خان الإستقالة، قبل تصويت مرتقب على سحب الثقة من حكومته، حيث يتم الحديث عن إمكانية أنّ يحل محله، الزعيم الحالي لحزب الرابطة الإسلامية الباكستانية شهباز شريف. والملفت أنّ العمل الجاري لسحب الثقة، تزامن مع التهديدات الأميركية للاطاحة بالحكومة الشرعية للبلاد.
وفي سياق لا يمكن فصله عن التهديدات الاميركية، كشف وزير الإعلام الباكستاني فؤاد شودري أن أجهزة الأمن أحبطت خطة لاغتيال عمران خان. وقال شودري، في تغريدة له على “تويتر”، إن أجهزة الأمن نبّهت رئيس الوزراء إلى كشفها خطة لاغتياله، مؤكداً مضاعفة الإجراءات الأمنية لحمايته.
وكان وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، أعلن أن بلاده تبنت نهجا متوازنا تجاه الحرب في أوكرانيا، التي وصفها بأنها قضية حساسة، مشيراً أنّ الحكوم سترسل مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، بينما تطالب بإنهاء الصراع من خلال الحوار والدبلوماسية.
يُشار الى أنّ الحكومة الباكستانية، هي واحدة من الدول التي لم تُدن العملية العسكرية الروسية في الاراضي الاوكرانية، حيث تسعى بالمقابل، الى توطيد العلاقات الاستراتيجية مع موسكو، وهو ما جعلها في مهبّ التدخلات الاميركية. وتسعى الادارة الأميركية الى وضع يدها على هذه الدولة الاسلامية التي تملك قنبلة نووية، وتهدف الى تنويع علاقاتها الاقتصادية، فضلاً عن امتدادها على موقعها الاستراتيجي في آسيا الوسطى، وتمتد على حدود واسعة جداً مع الدول المؤثرة في المنطقة.