بعد مرور 5 سنوات على رفض الجنرال سليماني استقبال مبعوث امريكي.. وكالة يونيوز للأخبار تكشف جوانب من لقاء لم يتم

كان قائد القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني يستعد لاقتحام اخر معاقل تنظيم داعش في سوريا، عندما أوفدت الولايات المتحدة الأميركية مبعوثا خاصا اليه يطلب مقابلته لتسليمه رسالة أميركية في غاية الأهمية.

الآن وبعد مرور 5 سنوات على رفض الجنرال سليماني استقبال هذا المبعوث الاميركي، تكشف وكالة يونيوز للأخبار جوانب من لقاء لم يتم، وتنشر بعض المعلومات المرتبطة بهوية المبعوث الاميركي الذي وصل الى أرض المعركة، وهو يعتقد ان الجنرال سليماني سيستقبله شخصيا ويستلم منه رسالة أميركية مهمة للغاية.

كان سليماني حينها منشغلا في مراجعة الاستعدادات التي اكتملت لاقتحام مدينة البوكمال في نهاية كانون الثاني/يناير من العام 2017، وكانت الطائرات المسيرة الايرانية تزود غرفة العمليات باحداثيات دقيقة، ليس فحسب عن تمركز عناصر داعش في المدينة إنما عن نشاط القوات الاميركية على طول الحدود العراقية، من مثلث التنف مع الاردن وسوريا الى العقدة التركية السورية في أقصى الشرق.

كانت الادارة الاميركية تدرك تماما أن أي تقدم ميداني على الأرض للجنرال قاسم سليماني يعني خسارة فادحة للنفوذ الاميركي في العراق وسوريا. وكانت الاستخبارات الاميركية تعتقد ان وصول سليماني الى مدينة البوكمال يشكل نقطة تحول استراتيجية في المنطقة خصوصا بعد سيطرة قوات الحشد الشعبي على مدينة القائم العراقية.

كان مايك بومبيو على رأس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، حين طلب من السفير الأميركي لدى العراق دوجلاس سيليمان تسليم الجنرال الايراني قاسم سليماني رسالة عاجلة، ربما بحسب اعتقاده ستردع القيادة الايرانية وتمنعها من التمركز على الحدود العراقية السورية.

لم يكن بومبيو يتوقع أن يتجاهل سليماني رسالته في هذا التوقيت الحساس من معركة البوكمال، لذلك ظل هذا الرجل الذي يؤمن بظهور المسيح كمقدمة لانتشار المسيحية في نهاية التاريخ حاقدا على سليماني، حتى بعد انتقاله من الاستخبارات الى رئاسة الخارجية في عهد الرئيس الاميركي دونالد ترامب.

كان دوجلاس سيليمان على معرفة بغالبية الشخصيات السياسية العراقية، كونه كان على ارتباط بالانشطة الامريكية السرية والعلنية في العراق منذ العام 2003. اختار هذا السفير شخصية عراقية قادرة بما تملك من علاقات مع القوى السياسية العراقية أن تصل الى الجنرال سليماني، حتى ولو كان على جبهة القتال، وفي اللحظة التي يستعد فيها لاقتحام مدينة البوكمال، كانت الادارة الاميركية تبحث عن صفقة مع ايران، ولكن الجنرال سليماني كان يبحث عن نصر من الله ويقاتل لتقليص النفوذ الاميركي في المنطقة.

في الليلة التي سبقت وصول المبعوث الأميركي الى مدينة البوكمال، عبرت الحدود العراقية من جهة العكاشات قوات تابعة لفصائل المقاومة العراقية لتشارك في معركة حاسمة. كانوا بضعة آلاف من المقاتلين على متن آليات عسكرية داكنة غيرت رمال الصحراء من لونها ولون الرجال. كان قاسم سليماني في استقبال المقاتلين يحتفل باللحظة التاريخية وهو يعلن عن افتتاح الطريق البري الذي يربط طهران بدمشق عبر بغداد.

تكبد حامل الرسالة الاميركية (تتحفظ وكالة يونيوز عن ذكر اسمه في الوقت الحالي) عناء الوصول الى البادية السورية التي شق سليماني طريقا في وسطها لقواته خلال ثلاثة أشهر غير مكترث بالقواعد الاميركية في تركيا والعراق وسوريا، والتي تدخلت عسكريا الى جانب اسرائيل مرات عدة لتعطيل تقدم سليماني الكاسح نحو البوكمال.

رفض سليماني استقبال المبعوث الأميركي حامل الرسالة ورفض قراءتها وقال لفريقه المساعد “ليس لدي شيء أقوله لهؤلاء الأشخاص”.

حتى دون ان يستلم سليماني الرسالة الامريكية فإنه كان يعرف مضمونها، ولطالما أرسلت له الاستخبارات الاميركية عبر وسطاء رسائل كان يتجاهلها دائما، بعض هذا الرسائل كانت تتودد فيها، وتطلب منه عقد صفقات في سوريا والعراق، وبعضها تتضمن تهديدات بالقتل. ولأن سليماني رفض استقبال المبعوث الاميركي في البوكمال فقد اضطر بومبيو الذي تحطم قلبه، وأصيب باليأس الى الكشف عن مضمون الرسالة أمام وسائل الاعلام، وأكد انه وجه رسالة للميجر جنرال قاسم سليماني والقادة الإيرانيين يحذرهم فيها من التعرض للقوات الأمريكية في العراق.

لم تكن البوكمال هي المواجهة الأولى للجنرال قاسم سليماني مع الامريكيين في المنطقة، لكن هذه الجولة اكتسبت أهمية خاصة لأن السباق بين سليماني والامريكيين للوصول إلى البوكمال كان يشبه في تفاصيل كثيرة السباق بين الروس والأميركيين في الوصول إلى مدينة برلين خلال الحرب العالمية الثانية، لكن واشنطن مقتنعة تماما أنه من المستحيل اقتسام النفوذ في المنطقة مع إيران، وهي في اللحظة التي اغتالت فيها سليماني كانت تتوقع أن تتعرض لرد انتقامي، لكن ما لم تحسب له حسابا هو أن قواعدها في المنطقة ستواجه فور انتهاء تشييع جثامين الشهداء شبح بيرل هاربُر جديدة، وقد اختبرت قاعدة عين الاسد الاميركية في العراق بعضا من الرد الايراني الصاروخي، وأبقت طهران حساب الانتقام مسلطا على القواعد الأمريكية في منطقة غرب آسيا كلها.

مواضيع ذات صلة
مواضيع ذات صلة
مواضيع ذات صلة
Related articles